عاد الطفل جميل من المدرسة وهو يبكي! ووجهه به كدمة بارزة ، وقميصه ممزق ، وحقيبته مقطعه ، اخبر والده بأنه تعرض للضرب من قبل 3 طلاب من الصف السادس الابتدائي ، ومن دون سبب ، في اليوم التالي ذهب والده معه للانتصاف ممن ضرب ابنه ، لكنه تفاجئ بمدير عجيب ، حيث قال له انه أمر طبيعي ، ولا يحتاج لمجيئك ، وأضاف "أن العنف ظاهرة لا يمكننا حلها وإلا تعرضنا للفصل العشائري ، وعلى ابنك أن يتعلم الدفاع عن نفسه ، وانصحه أن يبتعد عن المشاكل" ، حاول الأب أن يشدد على دور المدرسة في فرض النظام ، فضحك مدير المدرسة طويلا ، فيبدو أن مفردة فرض النظام تعتبر نكتة في العراق.
العنف في المدارس الحكومية يعتبر من اكبر المخاطر التي يتعرض لها الأطفال ، خصوصا في المدارس الابتدائية والمتوسطة ، وهو أكثر ما يقلق العوائل ، والقضية في اتساع مخيف ، لان الوزارة ومديرياتها لم تقم بخطوة واحدة للحل. ● الوزارة ومديرياتها هي السبب يمكن تشخيص الخلل أولا بأنه يكمن في الوزارة ومديراتها ، حيث تمتلك القدرة على التصحيح لكنها لا تفعل ، حيث يمكنها أن تضع تعليمات تحافظ على الأمن والسلام داخل المدارس ، مع التشديد على الادارات بالتزام التعليمات لحماية الأطفال ، عندها تزول المشكلة ، لكن الاستمرار بتجاهل المشكلة يجعل الوزارة والمديريات شريكة بالجرم.
مشكلة العنف تقلق العوائل وتجعلهم يفكرون جديا بنقل أطفالهم للمدارس الأهلية ، مع معاناتهم من صعوبات مادية ، وكل هذا فقط لحماية أطفالهم من بيئة المدرسة الحكومية المخيفة. نعتقد أن الحل سهل جدا ولا يحتاج لصرف أموال أو الى ايفادات للخارج ، كل ما في الأمر تعليمات وزارية تلزم المدارس بنظام حماية للأطفال ، بالإضافة الى تشكيل لجان تفتيشية على المدارس ، تتابع تطبيق التعليمات ، ومحاسبة كل إدارة تفشل في تطبيق نظام الحماية ، عبر عزل المدير وعقوبات وظيفية أخرى. ننتظر أن تنتبه الوزارة ومديرياتها للمشكلة وتسعى بصدق للقضاء عليها. ● إدارات المدارس هي السبب التشخيص الأولي يدفعنا لاتهام إدارات المدارس ، بأنها هي السبب في تفاقم قضية العنف داخل الدارس ، حيث تتساهل وتترك الأمور تسير نحو العنف ، ما دام الأمر لا يخص المدير ولا يضره شخصيا ، والكادر التدريسي في الغالب ما يهمه فقط إنهاء يومه واستلام الراتب الشهري ، وعدم التدخل في مشاكل مع أولياء الأمور ، أي أننا أمام مشكلة المسؤوليات والتعليمات.
هنا المسؤولية غير محددة ، مما يجعل الادارات تتلاعب بالقانون ، لكن لو تصدر تعليمات واضحة بعنوان فرض النظام والأمان والسلام داخل المدرسة ، لأمكن محاسبة المدراء بل وإقصائهم والتحقيق معهم ، أذا ثبت فشلهم في فرض النظام داخل المدرسة.
الأمر بسيط جدا لكن نحتاج لرجال شرفاء وعراقيون اصلاء ليقوموا بهذه الخطوات ، فاليوم من يتواجد في كرسي القرار بالأغلب جاهلون بأهمية الكرسي وقدرته على حماية الأجيال من العنف ، أو فاسدون كل ما يهمهم مصالحهم الشخصية.
ننتظر من الوزارة والمديريات أن تشدد الرقابة على مدراء المدارس ، وتفرض عليهم تطبيق التعليمات التي من شانها حماية الطلاب داخل المدارس. ● دعوة ندعو وزارة التربية للقيام بثورة كبيرة ، عبر اقصاءات للمدراء الذين مر عليهم زمن وهم في المنصب ، وإحلال الدماء الشابة ممن يتصفون بالنزاهة والأمانة ، شرط أن لا يكون لهم ارتباط بأي حزب ، بالإضافة لإصدار تعليمات لفرض النظام والأمان والسلامة داخل المدارس ، وتكون ملزمة للإدارات وعلى أساس تطبيقها يكون التقييم ، مع محاسبة الادارات المقصرة بالتعليمات.
أجيال من الطفولة تتعرض للعنف غير المبرر داخل المدارس ، من دون أي إجراءات للحماية ، نعتقد حان الوقت لحل مشكلة العنف في المدارس.